منتدى حبيبتى الاميرة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول
وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 980591



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى حبيبتى الاميرة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 600298
إن كنت من أعضاءنا الأكارم يسعدنا أن تقوم بالدخول
وان لم تكن عضوا وترغب في الإنضمام الى اسرتنا
يشرفنا أن تقوم بالتسجيل
تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 980591

منتدى حبيبتى الاميرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير ابن كثير ( متجدد )

صفحة 3 من اصل 26 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 14 ... 26  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط السبت أبريل 03, 2021 12:21 am

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــــــــ 


   ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) [البينة : 6]


 يخبر تعالى عن مآل الفجار من كفرة أهل الكتاب والمشركين المخالفين لكتب الله المنزلة وأنبياء الله المرسلة أنهم يوم القيامة في نار جهنم خالدين فيها أي ماكثين لا يحولون عنها ولا يزولون " أولئك هم شر البرية " أي شر الخليقة التي برأها الله وذرأها. 


   ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) [البينة : 7]


  ثم أخبر تعالى عن الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله "أولئك هم خير البرية". 


   ( جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة : 8]


  ثم قال : ( جزاؤهم عند ربهم ) أي : يوم القيامة ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) أي : بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ .


( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم ( ورضوا عنه ) فيما منحهم من الفضل العميم .


وقوله : ( ذلك لمن خشي ربه ) أي : هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حق تقواه ، وعبده كأنه يراه ، وقد علم أنه إن لم يره فإنه يراه .


وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا أبو معشر ، عن أبي وهب - مولى أبي هريرة - ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بخير البرية ؟ " 
  قالوا : بلى يا رسول الله . 
  قال : " رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، كلما كانت هيعة استوى عليه . ألا أخبركم بخير البرية ؟ "
   قالوا : بلى يا رسول الله .
   قال : " رجل في ثلة من غنمه ، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة . ألا أخبركم بشر البرية ؟ " . 
  قالوا : بلى . قال : " الذي يسأل بالله ، ولا يعطي به " .


آخر تفسير سورة " لم يكن " .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أبريل 12, 2021 10:41 pm

تفسير ابن كثير 
   ـــــــــــــــــــــــــــــ 


  ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : 1]


  تفسير سورة القدر و هي مكية .


قال الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ، وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل :
   ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) [ الدخان : 3 ] 
  و هي ليلة القدر ، و هي من شهر رمضان. 
  كما قال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) [ البقرة : 185 ] .


قال ابن عباس و غيره :
   أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث و عشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه و سلم .


  ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) [القدر : 2]


  قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر الذي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها فقال و ما أدراك ما ليلة القدر .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أبريل 12, 2021 10:42 pm

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــــ 


  ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر : 3]


( وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر )


قال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية :
   حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا القاسم بن الفضل الحداني ، عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال :
  سودت وجوه المؤمنين - أو : يا مسود وجوه المؤمنين.
  فقال : لا تؤنبني ، رحمك الله ; فإن النبي صلى الله عليه و سلم أري بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فنزلت : ( إنا أعطيناك الكوثر ) يا محمد يعني نهرا في الجنة ، ونزلت : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) يملكها بعدك بنو أمية يا محمد . 
  قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر ، لا تزيد يوما ولا تنقص يوما .


ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل ، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي . قال : وشيخه يوسف بن سعد - ويقال : يوسف بن مازن - رجل مجهول ، ولا نعرف هذا الحديث ، على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه .


 وقد روى هذا الحديث الحاكم في مستدركه ، من طريق القاسم بن الفضل ، عن يوسف بن مازن به . وقول الترمذي : إن يوسف هذا مجهول - فيه نظر ; فإنه قد روى عنه جماعة ، منهم : حماد بن سلمة وخالد الحذاء ويونس بن عبيد . وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور ، وفي رواية عن ابن معين [ قال ] هو ثقة .
  ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل ، عن عيسى بن مازن ، كذا قال ، وهذا يقتضي اضطرابا في هذا الحديث ، والله أعلم .
   ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا ، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي : هو حديث منكر .


قلت : وقول القاسم بن الفضل الحداني إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص ، ليس بصحيح ; فإن معاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه ، استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين ، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها ، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبا من تسع سنين ، لكن لم تزل يدهم عن الإمرة بالكلية ، بل عن بعض البلاد ، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة ، وذلك أزيد من ألف شهر ، فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير ، وعلى هذا فتقارب ما قاله للصحة في الحساب ، والله أعلم .


ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية ، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق ; فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم ، فإن ليلة القدر شريفة جدا ، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر ، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة ، بمقتضى هذا الحديث ، وهل هذا إلا كما قال القائل :


ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا


وقال آخر :


إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة على ناقص كان المديح من النقص


ثم الذي يفهم من ولاية الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية ، والسورة مكية ، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ، ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها ؟!
   والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة ، فهذا كله مما يدل على ضعف هذا الحديث ونكارته ، والله أعلم .


وقال ابن أبي حاتم : 
  حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا مسلم - يعني ابن خالد - ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : 
  أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، قال : فعجب المسلمون من ذلك ، قال : فأنزل الله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر .


وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام بن سلم ، عن المثنى بن الصباح عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ، ففعل ذلك ألف شهر ، فأنزل الله هذه الآية : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل .


وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني مسلمة بن علي‌ ، عن علي بن عروة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل ، عبدوا الله ثمانين عاما ، لم يعصوه طرفة عين : فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون - قال : فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ، لم يعصوه طرفة عين ; فقد أنزل الله خيرا من ذلك . فقرأ عليه : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك . 
  قال : فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه .


وقال سفيان الثوري :
   بلغني عن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر . 
  قال : عملها ، صيامها و قيامها خير من ألف شهر . رواه ابن جرير .


و قال ابن أبي حاتم : 
  حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا ابن أبي زائدة ، عن ابن جريج عن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر ، ليس في تلك الشهور ليلة القدر . وهكذا قال قتادة بن دعامة والشافعي وغير واحد .


وقال عمرو بن قيس الملائي : 
 عمل فيها خير من عمل ألف شهر .


وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر - وليس فيها ليلة القدر - هو اختيار ابن جرير . وهو الصواب لا ما عداه ، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم : " رباط ليلة في سبيل الله خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل " . 
  رواه أحمد وكما جاء في قاصد الجمعة بهيئة حسنة ، و نية صالحة : " أنه يكتب له عمل سنة ، أجر صيامها وقيامها " إلى غير ذلك من المعاني المشابهة لذلك .


وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي هريرة قال : لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم " .


ورواه النسائي من حديث أيوب به .


ولما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر ، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أبريل 12, 2021 10:43 pm

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــــــــ 


  ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) [القدر : 4]


  وقوله : ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) أي : يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له .


وأما الروح فقيل : المراد به هاهنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام . وقيل : هم ضرب من الملائكة . كما تقدم في سورة " النبأ " . والله أعلم .


وقوله : ( من كل أمر ) قال مجاهد : سلام هي من كل أمر .


وقال سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله : ( سلام هي ) قال : هي سالمة ، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى .


وقال قتادة وغيره : تقضى فيها الأمور ، وتقدر الآجال والأرزاق ، كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم )
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أبريل 12, 2021 10:44 pm

تفسير ابن كثير 
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


( سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : 5]


 و قوله :
 ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) 
   قال سعيد بن منصور : 
  حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى :
  ( من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر )
   قال : تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر .


وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ : " من كل امرئ سلام هي حتى مطلع الفجر " .


وروى البيهقي في كتابه " فضائل الأوقات " عن علي أثرا غريبا في نزول الملائكة ، ومرورهم على المصلين ليلة القدر ، وحصول البركة للمصلين .


وروى ابن أبي حاتم ، عن كعب الأحبار أثرا غريبا عجيبا مطولا جدا ، في تنزل الملائكة من سدرة المنتهى صحبة جبريل عليه السلام إلى الأرض ، ودعائهم للمؤمنين والمؤمنات .


وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عمران - يعني القطان - ، عن قتادة ، عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : " إنها ليلة سابعة - أو : تاسعة - وعشرين ، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى " .


وقال الأعمش ، عن المنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله : ( من كل أمر سلام ) قال : لا يحدث فيها أمر .


وقال قتادة وابن زيد في قوله : ( سلام هي ) يعني هي خير كلها ، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر . ويؤيد هذا المعنى ما رواه الإمام أحمد :


حدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا بقية ، حدثني بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
  " ليلة القدر في العشر البواقي ، من قامهن ابتغاء حسبتهن ، فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهي ليلة وتر : تسع أو سبع ، أو خامسة ، أو ثالثة ، أو آخر ليلة " . 
 وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة ، كأن فيها قمرا ساطعا ، ساكنة سجية ، لا برد فيها و لا حر ، و لا يحل لكوكب يرمى به فيها حتى تصبح . و أن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ، و لا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ " .


وهذا إسناد حسن ، وفي المتن غرابة ، وفي بعض ألفاظه نكارة .


وقال أبو داود الطيالسي ، حدثنا زمعة ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في ليلة القدر :
  " ليلة سمحة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء " .


 وروى ابن أبي عاصم النبيل بإسناده عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
   " إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها ، وهي في العشر الأواخر ، من لياليها ليلة طلقة بلجة ، لا حارة ولا باردة ، كأن فيها قمرا ، لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها " .


فصل


اختلف العلماء : هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة ، أو هي من خصائص هذه الأمة ؟ على قولين :


  قال أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري : حدثنا مالك : أنه بلغه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله - أو : ما شاء الله من ذلك - فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر وقد أسند من وجه آخر . وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأمة بليلة القدر ، وقد نقله صاحب " العدة " أحد أئمة الشافعية عن جمهور العلماء ، فالله أعلم . 
  وحكى الخطابي عليه الإجماع [ ونقله الرافعي جازما به عن المذهب ] والذي دل عليه الحديث أنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا .


قال أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عكرمة بن عمار : حدثني أبو زميل سماك الحنفي : حدثني مالك بن مرثد بن عبد الله ، حدثني مرثد قال :
   سألت أبا ذر قلت : كيف سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ليلة القدر ؟ 
 قال : أنا كنت أسأل الناس عنها ، قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن ليلة القدر ، أفي رمضان هي أو في غيره ؟
   قال : " بل هي في رمضان " .
  قلت : تكون مع الأنبياء ما كانوا ، فإذا قبضوا رفعت ؟ 
  أم هي إلى يوم القيامة ؟ 
  قال : " بل هي إلى يوم القيامة " .
   قلت : في أي رمضان هي ؟
   قال : " التمسوها في العشر الأول ، والعشر الأواخر " .
   ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث ، ثم اهتبلت غفلته قلت : في أي العشرين هي ؟
 قال : " ابتغوها في العشر الأواخر ، لا تسألني عن شيء بعدها " . 
  ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم اهتبلت غفلته فقلت : يا رسول الله ، أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي ؟ 
  فغضب علي غضبا لم يغضب مثله منذ صحبته ، وقال :
  " التمسوها في السبع الأواخر ، لا تسألني عن شيء بعدها " .


ورواه النسائي ، عن الفلاس ، عن يحيى بن سعيد القطان به .


ففيه دلالة على ما ذكرناه ، وفيه أنها تكون باقية إلى يوم القيامة في كل سنة [ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ] لا كما زعمه بعض طوائف الشيعة من رفعها بالكلية ، على ما فهموه من الحديث الذي سنورده بعد من قوله ، عليه السلام : " فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا لكم " ; لأن المراد رفع علم وقتها عينا . وفيه دلالة على أنها ليلة القدر يختص وقوعها بشهر رمضان من بين سائر الشهور ، لا كما روي عن ابن مسعود ، ومن تابعه من علماء أهل الكوفة ، من أنها توجد في جميع السنة ، وترجى في جميع الشهور على السواء .


وقد ترجم أبو داود في سننه على هذا فقال : " باب بيان أن ليلة القدر في كل رمضان " : حدثنا حميد بن زنجويه النسائي ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، حدثني موسى بن عقبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عمر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر ، فقال : " هي في كل رمضان " .


وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا داود قال : رواه شعبة وسفيان ، عن أبي إسحاق فأوقفاه .


وقد حكي عن أبي حنيفة ، رحمه الله ، رواية أنها ترجى في جميع شهر رمضان . وهو وجه [ حكاه ] الغزالي واستغربه الرافعي جدا .


فصل


ثم قد قيل : إنها في أول ليلة من شهر رمضان ، يحكى هذا عن أبي رزين . 
  وقيل : إنها تقع ليلة سبع عشرة . 
 وروى فيه أبو داود حديثا مرفوعا عن ابن مسعود . وروي موقوفا عليه ، وعلى زيد بن أرقم وعثمان بن أبي العاص .


وهو قول عن محمد بن إدريس الشافعي ، ويحكى عن الحسن البصري .
   و وجهوه بأنها ليلة بدر ، وكانت ليلة جمعة هي السابعة عشر من شهر رمضان ، وفي صبيحتها كانت وقعة بدر ، وهو اليوم الذي قال الله تعالى فيه : ( يوم الفرقان ) [ الأنفال : 41 ] .


وقيل : ليلة تسع عشرة ، يحكى عن علي وابن مسعود أيضا ، رضي الله عنهما . .


 وقيل : ليلة إحدى وعشرين ; لحديث أبي سعيد الخدري قال : اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم [ في ] العشر الأول من رمضان واعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال :
  إن الذي تطلب أمامك . فاعتكف العشر الأوسط فاعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : [ إن ] الذي تطلب أمامك . ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا صبيحة عشرين من رمضان ، فقال : " من كان اعتكف معي فليرجع ، فإني رأيت ليلة القدر ، وإني أنسيتها ، وإنها في العشر الأواخر وفي وتر ، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء " .
  وكان سقف المسجد جريدا من النخل ، وما نرى في السماء شيئا ، فجاءت قزعة فمطرنا ، فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديق رؤياه . وفي لفظ : " في صبح إحدى وعشرين " أخرجاه في الصحيحين .


قال الشافعي : وهذا الحديث أصح الروايات .


وقيل : ليلة ثلاث وعشرين ; لحديث عبد الله بن أنيس في " صحيح مسلم " وهو قريب السياق من رواية أبي سعيد ، فالله أعلم .


وقيل : ليلة أربع وعشرين ، قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليلة القدر ليلة أربع وعشرين " إسناده رجاله ثقات .


وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن الصنابحي ، عن بلال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليلة القدر ليلة أربع وعشرين " .


ابن لهيعة ضعيف . وقد خالفه ما رواه البخاري ، عن أصبغ ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن أبي عبد الله الصنابحي قال : أخبرني بلال - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنها أول السبع من العشر الأواخر ، فهذا الموقوف أصح ، والله أعلم . 
  وهكذا روي عن ابن مسعود وابن عباس وجابر والحسن وقتادة وعبد الله بن وهب : أنها ليلة أربع وعشرين . وقد تقدم في سورة " البقرة " حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا : " إن القرآن أنزل ليلة أربع وعشرين " .


وقيل : تكون ليلة خمس وعشرين ; لما رواه البخاري ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى " . فسره كثيرون بليالي الأوتار ، وهو أظهر وأشهر . وحمله آخرون على الأشفاع كما رواه مسلم ، عن أبي سعيد ، أنه حمله على ذلك . والله أعلم .


وقيل : إنها تكون ليلة سبع وعشرين ; لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنها ليلة سبع وعشرين " .


قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان : سمعت عبدة وعاصما عن زر : سألت أبي بن كعب قلت : أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر . قال : يرحمه الله ، لقد علم أنها في شهر رمضان ، وأنها ليلة سبع وعشرين . ثم حلف . قلت : وكيف تعلمون ذلك ؟ قال : بالعلامة - أو : بالآية - التي أخبرنا بها ، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها ، أعني الشمس .


وقد رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي ، عن عبدة ، عن زر عن أبي فذكره ، وفيه : فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - والله إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها ، هي ليلة سبع وعشرين ، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها .


وفي الباب عن معاوية وابن عمر وابن عباس وغيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنها ليلة سبع وعشرين . وهو قول طائفة من السلف ، وهو الجادة من مذهب أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا . 
  وقد حكي عن بعض السلف أنه حاول استخراج كونها ليلة سبع وعشرين من القرآن ، من قوله : ( هي ) لأنها الكلمة السابعة والعشرون من السورة ، والله أعلم .


وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة وعاصم : أنهما سمعا عكرمة يقول : قال ابن عباس : دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فسألهم عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر . 
  قال ابن عباس : فقلت لعمر : إني لأعلم - أو : إني لأظن - أي ليلة القدر هي ؟
   فقال عمر : أي ليلة هي ؟
  [ فقلت ] سابعة تمضي - أو : سابعة تبقى - من العشر الأواخر . 
  فقال عمر : ومن أين علمت ذلك ؟ قال ابن عباس : فقلت :
   خلق الله سبع سموات ، وسبع أرضين ، وسبعة أيام ، وإن الشهر يدور على سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ، ويسجد على سبع ، والطواف بالبيت سبع ، ورمي الجمار سبع . . . لأشياء ذكرها .
  فقال عمر : لقد فطنت لأمر ما فطنا له . 
 وكان قتادة يزيد عن ابن عباس في قوله : ويأكل من سبع ، قال : هو قول الله تعالى : ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا [ وقضبا ] ) الآية [ عبس : 27 ، 28 ] .


وهذا إسناد جيد قوي ، ونص غريب جدا ، والله أعلم .


وقيل : إنها تكون في ليلة تسع وعشرين . قال أحمد بن حنبل :


حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا سعيد بن سلمة ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عمر بن عبد الرحمن ، عن عبادة بن الصامت : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في رمضان ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، فإنها في وتر إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، [ أو تسع وعشرين ] أو في آخر ليلة " .


وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود - وهو : أبو داود الطيالسي - ، حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : " إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين ، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى " .


تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به .


وقيل : إنها تكون في آخر ليلة ، لما تقدم من هذا الحديث آنفا ، ولما رواه الترمذي والنسائي من حديث عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي بكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في تسع يبقين ، أو سبع يبقين ، أو خمس يبقين ، أو ثلاث ، أو آخر ليلة " . يعني : التمسوا ليلة القدر .


وقال الترمذي : حسن صحيح . وفي المسند من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر : " إنها آخر ليلة " .


فصل


قال [ الإمام ] الشافعي في هذه الروايات : صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم جوابا للسائل إذ قيل له : ألتمس ليلة القدر في الليلة الفلانية ؟
   يقول : " نعم " .
  وإنما ليلة القدر ليلة معينة : لا تنتقل . نقله الترمذي عنه بمعناه . وروي عن أبي قلابة أنه قال : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر .


وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة نص عليه مالك ، والثوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، والمزني ، وأبو بكر بن خزيمة ، وغيرهم . وهو محكي عن الشافعي - نقله القاضي عنه ، وهو الأشبه - والله أعلم .


وقد يستأنس لهذا القول بما ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن عمر : أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر " .


وفيها أيضا عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " ولفظه للبخاري .


ويحتج للشافعي أنها لا تنتقل ، وأنها معينة من الشهر ، بما رواه البخاري في صحيحه ، عن عبادة بن الصامت قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر ، فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال :
   " خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان ، فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " .


وجه الدلالة منه : أنها لو لم تكن معينة مستمرة التعيين ، لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة ، إذا لو كانت تنتقل لما علموا تعينها إلا ذلك العام فقط ، اللهم إلا أن يقال : إنه إنما خرج ليعلمهم بها تلك السنة فقط .


وقوله : " فتلاحى فلان وفلان فرفعت " : فيه استئناس لما يقال : إن المماراة تقطع الفائدة والعلم النافع ، وكما جاء في الحديث : 
  " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " .


وقوله : " فرفعت " أي : رفع علم تعينها لكم ، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود ، كما يقوله جهلة الشيعة ; لأنه قد قال بعد هذا : " فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " .


وقوله : " وعسى أن يكون خيرا لكم " يعني : عدم تعيينها لكم ، فإنها إذا كانت مبهمة اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محال رجائها ، فكان أكثر للعبادة ، بخلاف ما إذا علموا عينها فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط . وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها ، ويكون الاجتهاد في العشر الأواخر أكثر . ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، حتى توفاه الله عز وجل . ثم اعتكف أزواجه من بعده . أخرجاه من حديث عائشة .


ولهما عن ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان .


وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر ، أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وشد المئزر . أخرجاه .


ولمسلم عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره .


وهذا معنى قولها : " وشد المئزر " . وقيل : المراد بذلك : اعتزال النساء . ويحتمل أن يكون كناية عن الأمرين ، لما رواه الإمام أحمد :


حدثنا سريج ، حدثنا أبو معشر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقي عشر من رمضان شد مئزره ، واعتزل نساءه . انفرد به أحمد .


وقد حكي عن مالك رحمه الله ، أن جميع ليالي العشر في تطلب ليلة القدر على السواء ، لا يترجح منها ليلة على أخرى : رأيته في شرح الرافعي رحمه الله .


والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات ، وفي شهر رمضان أكثر ، وفي العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره أكثر . والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء : " اللهم ، إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " ; لما رواه الإمام أحمد :


حدثنا يزيد - هو ابن هارون - ، حدثنا الجريري - وهو سعيد بن إياس - ، عن عبد الله بن بريدة ، أن عائشة قالت : يا رسول الله ، إن وافقت ليلة القدر فما أدعو ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .


وقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، من طريق كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : " قولي : اللهم ، إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .


وهذا لفظ الترمذي ، ثم قال : " هذا حديث حسن صحيح " . وأخرجه الحاكم في مستدركه ، وقال : " هذا صحيح على شرط الشيخين " ورواه النسائي أيضا من طريق سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن عائشة قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني " .


ذكر أثر غريب ونبأ عجيب ، يتعلق بليلة القدر ، رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم ، عند تفسير هذه السورة الكريمة فقال :


حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا موسى بن سعيد - يعني الراسبي - ، عن هلال أبي جبلة ، عن أبي عبد السلام ، عن أبيه ، عن كعب أنه قال : إن سدرة المنتهى على حد السماء السابعة ، مما يلي الجنة ، فهي على حد هواء الدنيا وهواء الآخرة ، علوها في الجنة ، وعروقها وأغصانها من تحت الكرسي ، فيها ملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، يعبدون الله عز وجل على أغصانها ، في كل موضع شعرة منها ملك . ومقام جبريل عليه السلام ، في وسطها ، فينادي الله جبريل أن ينزل في كل ليلة قدر مع الملائكة الذين يسكنون سدرة المنتهى ، وليس فيهم ملك إلا قد أعطي الرأفة والرحمة للمؤمنين ، فينزلون على جبريل في ليلة القدر ، حين تغرب الشمس ، فلا تبقى بقعة في ليلة القدر إلا وعليها ملك ، إما ساجد وإما قائم ، يدعو للمؤمنين والمؤمنات ، إلا أن تكون كنيسة أو بيعة ، أو بيت نار أو وثن ، أو بعض أماكنكم التي تطرحون فيها الخبث ، أو بيت فيه سكران ، أو بيت فيه مسكر ، أو بيت فيه وثن منصوب ، أو بيت فيه جرس معلق ، أو مبولة ، أو مكان فيه كساحة البيت ، فلا يزالون ليلتهم تلك يدعون للمؤمنين والمؤمنات ، وجبريل لا يدع أحدا من المؤمنين إلا صافحه ، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه ، فإن ذلك من مصافحة جبريل .


وذكر كعب أنه من قال في ليلة القدر : " لا إله إلا الله " ، ثلاث مرات ، غفر الله له بواحدة ، ونجا من النار بواحدة ، وأدخله الجنة بواحدة . فقلنا لكعب الأحبار : يا أبا إسحاق ، صادقا ؟ فقال كعب وهل يقول : " لا إله إلا الله " في ليلة القدر إلا كل صادق ؟ والذي نفسي بيده ، إن ليلة القدر لتثقل على الكافر والمنافق ، حتى كأنها على ظهره جبل ، فلا تزال الملائكة هكذا حتى يطلع الفجر . فأول من يصعد جبريل حتى يكون في وجه الأفق الأعلى من الشمس ، فيبسط جناحيه - وله جناحان أخضران ، لا ينشرهما إلا في تلك الساعة - فتصير الشمس لا شعاع لها ، ثم يدعو ملكا فيصعد ، فيجتمع نور الملائكة ونور جناحي جبريل ، فلا تزال الشمس يومها ذلك متحيرة ، فيقيم جبريل ومن معه بين الأرض وبين السماء الدنيا يومهم ذلك ، في دعاء ورحمة واستغفار للمؤمنين والمؤمنات ، ولمن صام رمضان احتسابا ، ودعاء لمن حدث نفسه إن عاش إلى قابل صام رمضان لله . فإذا أمسوا دخلوا السماء الدنيا ، فيجلسون حلقا [ حلقا ] فتجتمع إليهم ملائكة سماء الدنيا ، فيسألونهم عن رجل رجل ، وعن امرأة امرأة فيحدثونهم حتى يقولوا : ماذا فعل فلان ؟ وكيف وجدتموه العام ؟ فيقولون : وجدنا فلانا عام أول في هذه الليلة متعبدا ووجدناه العام مبتدعا ، ووجدنا فلانا مبتدعا ووجدناه العام عابدا قال : فيكفون عن الاستغفار لذلك ، ويقبلون على الاستغفار لهذا ، ويقولون : وجدنا فلانا وفلانا يذكران الله ، ووجدنا فلانا راكعا ، وفلانا ساجدا ، ووجدناه تاليا لكتاب الله . قال : فهم كذلك يومهم وليلتهم ، حتى يصعدون إلى السماء الثانية ، ففي كل سماء يوم وليلة ، حتى ينتهوا مكانهم من سدرة المنتهى ، فتقول لهم سدرة المنتهى : يا سكاني ، حدثوني عن الناس وسموهم لي . فإن لي عليكم حقا ، وإني أحب من أحب الله . فذكر كعب الأحبار أنهم يعدون لها ، ويحكون لها الرجل والمرأة بأسمائهم وأسماء آبائهم . ثم تقبل الجنة على السدرة فتقول : أخبريني بما أخبرك سكانك من الملائكة . فتخبرها ، قال : فتقول الجنة : رحمة الله على فلان ، ورحمة الله على فلانة ، اللهم عجلهم إلي ، فيبلغ جبريل مكانه قبلهم ، فيلهمه الله فيقول : وجدت فلانا ساجدا فاغفر له . فيغفر له ، فيسمع جبريل جميع حملة العرش فيقولون : رحمة الله على فلان ، ورحمة الله على فلانة ، ومغفرته لفلان ، ويقول يا رب ، وجدت عبدك فلانا الذي وجدته عام أول على السنة والعبادة ، ووجدته العام قد أحدث حدثا وتولى عما أمر به . فيقول الله : يا جبريل ، إن تاب فأعتبني قبل أن يموت بثلاث ساعات غفرت له . فيقول جبريل : لك الحمد إلهي ، أنت أرحم من جميع خلقك ، وأنت أرحم بعبادك من عبادك بأنفسهم ، قال : فيرتج العرش وما حوله ، والحجب والسماوات ومن فيهن ، تقول : الحمد لله الرحيم ، الحمد لله الرحيم .


قال : وذكر كعب أنه من صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر بعد رمضان ألا يعصي الله ، دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب .


آخر تفسير سورة " ليلة القدر " [ ولله الحمد والمنة ] .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 4:59 pm

تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــ
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق : 1]

تفسير سورة اقرأ و: هي أول شيء نزل من القرآن .

قال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة قالت :
أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - و هو : التعبد - الليالي ذوات العدد ، و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزود لمثلها حتى فجأه الحق و هو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فقلت : ما أنا بقارئ " .
قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال :
( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ : ( ما لم يعلم ) قال : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال : " زملوني زملوني " . فزملوه حتى ذهب عنه الروع .
فقال : يا خديجة ، ما لي : فأخبرها الخبر و قال :
" قد خشيت علي " .
فقالت له : كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ; إنك لتصل الرحم ، و تصدق الحديث ، و تحمل الكل ، و تقري الضيف ، و تعين على نوائب الحق . ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن قصي - و هو ابن عم خديجة أخو أبيها ، و كان امرأ تنصر في الجاهلية ، و كان يكتب الكتاب العربي ، و كتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، و كان شيخا كبيرا قد عمي - فقالت خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك .
: فقال ورقة : ابن أخي ، ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم ما رأى ، فقال ورقة :
هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أومخرجي هم ؟ " .
فقال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . [ ثم ] لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه و سلم - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه ، تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقا . فيسكن بذلك جأشه ، و تقر نفسه فيرجع . فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك .

و هذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري و قد تكلمنا على هذا الحديث من جهة سنده و متنه و معانيه في أول شرحنا للبخاري مستقصى ، فمن أراده فهو هناك محرر ، و لله الحمد و المنة .

فأول شيء [ نزل ] من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات و هن أول رحمة رحم الله بها العباد ، و أول نعمة أنعم الله بها عليهم .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 4:59 pm

تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــ

( خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق : 2]

التنبيه على خلق الإنسان من علقة.

( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) [العلق : 3]

و أن من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم ، فشرفه و كرمه بالعلم ، و هو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة و العلم تارة يكون في الأذهان ، و تارة يكون في اللسان ، و تارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني و لفظي و رسمي ، و الرسمي يستلزمهما من غير عكس ، فلهذا قال :
( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم )
و في الأثر : قيدوا العلم بالكتابة .
و فيه أيضا : " من عمل بما علم رزقه الله علم ما لم يكن [ يعلم ] .

( الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) [العلق : 4]

و في الأثر قيدوا العلم بالكتابة.
و فيه أيضا من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يكن يعلم.

( عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق : 5]
من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم ، فشرفه و كرمه بالعلم ، و هو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة و العلم تارة يكون في الأذهان ، و تارة يكون في اللسان ، و تارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني و لفظي و رسمي ، و الرسمي يستلزمهما من غير عكس ، فلهذا قال :
( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) وفي الأثر : قيدوا العلم بالكتابة . وفيه أيضا : " من عمل بما علم رزقه الله علم ما لم يكن [ يعلم ] .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 5:00 pm

تفسير ابن كثير
ـــــــــــــــــــــــــــ

( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ) [العلق : 6]

يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح و أشر و بطر و طغيان.

( أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ) [العلق : 7]

إذا رأى نفسه قد استغنى و كثر ماله ثم تهدده و توعده و وعظه.

( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ) [العلق : 8]

خبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح و أشر و بطر و طغيان ، إذا رأى نفسه قد استغنى و كثر ماله . ثم تهدده و توعده و وعظه فقال : ( إن إلى ربك الرجعى )
أي : إلى الله المصير و المرجع ، و سيحاسبك على مالك :
من أين جمعته ؟ و فيم صرفته ؟

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو عميس ، عن عون ، قال : قال عبد الله : منهومان لا يشبعان ، صاحب العلم و صاحب الدنيا ، و لا يستويان فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ، و أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان .
قال ثم قرأ عبد الله : ( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )
و قال للآخر : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [ فاطر : 28 ] .

و قد روي هذا مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" منهومان لا يشبعان : طالب علم ، و طالب دنيا " .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 5:00 pm

تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــ
( عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ) [العلق : 10]

نزلت في أبي جهل لعنه الله توعد النبي صلى الله عليه و سلم على الصلاة عند البيت فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولا.

( أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ) [العلق : 12]

بقوله و أنت تزجره و تتوعده على صلاته.

( أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ) [العلق : 13]

أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ

( أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ) [العلق : 14]

و لهذا قال "ألم يعلم بأن الله يرى" أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه و يسمع كلامه و سيجازيه على فعله أتم الجزاء.

( كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ) [العلق : 15]

ثم قال تعالى متوعدا و متهددا "كلا لئن لم ينته" أي لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد "لنسفعا بالناصية" أي لنسمنها سوادا يوم القيامة.
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 5:01 pm

( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق : 16]
ثم قال "ناصية كاذبة خاطئة" يعني ناصية أبي جهل كاذبة في مقالها خاطئة في أفعالها.

( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ) [العلق : 17]

"فليدع ناديه" أي قومه و عشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم.

( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) [العلق : 18]

( سندع الزبانية ) و هم ملائكة العذاب ، حتى يعلم من يغلب : أحزبنا أو حزبه .

قال البخاري :
حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :
قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه . فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال :
" لئن فعله لأخذته الملائكة " .
ثم قال : تابعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله - يعني ابن عمرو - ، عن عبد الكريم .

وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق به ، وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو به .

وروى أحمد والترمذي وابن جرير - وهذا لفظه - من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي عند المقام ، فمر به أبو جهل بن هشام ، فقال :
يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ - و توعده - فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه و سلم و انتهره ، فقال :
يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ! فأنزل الله :
: ( فليدع ناديه سندع الزبانية )
: قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا إسماعيل بن زيد أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
قال أبو جهل : لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال :
فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، و لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا و رأوا مقاعدهم من النار ، و لو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجعوا لا يجدون مالا و لا أهلا " .

وقال ابن جرير أيضا :
حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس ، قال :
قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه .
فأنزل الله عز وجل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [ خلق الإنسان من علق ] ) حتى بلغ هذه الآية : ( لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية ) فجاء النبي صلى الله عليه و سلم فصلى فقيل : ما يمنعك ؟
قال : قد اسود ما بيني و بينه من الكتائب .
قال ابن عباس : و الله لو تحرك لأخذته الملائكة و الناس ينظرون إليه .

و قال ابن جرير :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال :
قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟
قالوا : نعم .
قال : فقال : و اللات و العزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته و لأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يصلي ليطأ على رقبته ، قال :
فما فجأهم منه إلا و هو ينكص على عقبيه و يتقي بيديه ، قال :
فقيل له : ما لك ؟
فقال : إن بيني و بينه خندقا من نار و هولا و أجنحة .
قال : فقال رسول الله : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " .
قال : وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - : ( كلا إن الإنسان ليطغى ) إلى آخر السورة .

وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم ، من حديث معتمر بن سليمان به .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الجمعة أبريل 23, 2021 5:01 pm

تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــ

( كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩) [العلق : 19]

و قوله : ( كلا لا تطعه ) يعني :
يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة و كثرتها ، و صل حيث شئت و لا تباله ; فإن الله حافظك و ناصرك ، و هو يعصمك من الناس ( واسجد واقترب ) كما ثبت في الصحيح - عند مسلم - من طريق عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة :
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " .

و تقدم أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يسجد في : ( إذا السماء انشقت ) و ( اقرأ باسم ربك الذي خلق )

آخر تفسير سورة " اقرأ " .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الأحد أبريل 25, 2021 5:15 pm

تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــــ
( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) [التين : 1]

تفسير سورة و التين و الزيتون و هي مكية .

قال مالك و شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب :
كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في سفر في إحدى الركعتين بالتين و الزيتون ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه . أخرجه الجماعة في كتبهم .

اختلف المفسرون هاهنا على أقوال كثيرة فقيل :
المراد بالتين مسجد دمشق .
و قيل : هي نفسها .
و قيل : الجبل الذي عندها .

و قال القرطبي :
هو مسجد أصحاب الكهف .

و روى العوفي ، عن ابن عباس :
أنه مسجد نوح الذي على الجودي .

و قال مجاهد : هو تينكم هذا .

( والزيتون ) قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد ، وغيرهم :
هو مسجد بيت المقدس .

وقال مجاهد وعكرمة :
هو هذا الزيتون الذي تعصرون .

( وَطُورِ سِينِينَ) [التين : 2]

قال كعب الأحبار و غير واحد هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الأحد أبريل 25, 2021 5:16 pm

تفسير ابن كثير
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [التين : 3]

( وهذا البلد الأمين ) يعني : مكة .
قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار . ولا خلاف في ذلك .

وقال بعض الأئمة : هذه محال ثلاثة ، بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار ، فالأول :
محلة التين و الزيتون و هي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم .
و الثاني : طور سينين ، و هو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران .
و الثالث : مكة و هو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا ، و هو الذي أرسل فيه محمدا صلى الله عليه و سلم .

قالوا :
و في آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة :
جاء الله من طور سيناء - يعني الذي كلم الله عليه موسى [ بن عمران ] - و أشرق من ساعير - يعني بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى - و استعلن من جبال فاران - يعني : جبال مكة التي أرسل الله منها محمدا - فذكرهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان ، و لهذا أقسم بالأشرف ، ثم الأشرف منه ، ثم بالأشرف منهما .

( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : 4]

هذا هو المقسم عليه و هو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة و شكل منتصب القامة سوى الأعضاء حسنها.
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الأحد أبريل 25, 2021 5:16 pm

تفسير ابن كثير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) [التين : 5]

( ثم رددناه أسفل سافلين ) أي : إلى النار .
قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد ، وغيرهم .
ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله و يتبع الرسل ; و لهذا قال :

( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : 6]

"إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات"

وقال بعضهم :
( ثم رددناه أسفل سافلين ) أي : إلى أرذل العمر .
روي هذا عن ابن عباس وعكرمة - حتى قال عكرمة :
من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر .
و اختار ذلك ابن جرير . و لو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك ; لأن الهرم قد يصيب بعضهم ، و إنما المراد ما ذكرناه ، كقوله : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) [ العصر : 1 - 3 ] .

و قوله : ( فلهم أجر غير ممنون ) أي : غير مقطوع ، كما تقدم .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الأحد أبريل 25, 2021 5:17 pm

تفسير ابن كثير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) [التين : 7]

ثم قال : ( فما يكذبك ) يعني : يا ابن آدم ( بعد بالدين ) ؟
أي : بالجزاء في المعاد ، و قد علمت البدأة ، و عرفت أن من قدر على البدأة ، فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى ، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد و قد عرفت هذا ؟

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان عن منصور قال :
قلت لمجاهد : ( فما يكذبك بعد بالدين ) عنى به النبي صلى الله عليه و سلم
قال : معاذ الله! عنى به الإنسان .
و هكذا قال عكرمة و غيره .

( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) [التين : 8]

و قوله : ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) أي : أما هو أحكم الحاكمين ، الذي لا يجور و لا يظلم أحدا ، و من عدله أن يقيم القيامة فينصف المظلوم في الدنيا ممن ظلمه .
و قد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعا : " فإذا قرأ أحدكم ( والتين والزيتون ) فأتى على آخرها : ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) فليقل : بلى ، و أنا على ذلك من الشاهدين " .

آخر تفسير [ سورة ] " والتين والزيتون " ولله الحمد .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط السبت يوليو 24, 2021 2:31 am

تفسير ابن كثير 
   ـــــــــــــــــــــــــــــ 


( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح : 1]


تفسير سورة ألم نشرح و هي مكية .


يقول تعالى : 
  ( ألم نشرح لك صدرك ) 
  يعني : أما شرحنا لك صدرك ، أي : 
   نورناه و جعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله :
   ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) [ الأنعام : 125 ] ، و كما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه و لا إصر و لا ضيق .


و قيل :
   المراد بقوله : ( ألم نشرح لك صدرك ) شرح صدره ليلة الإسراء ، كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة. 
   و قد أورده الترمذي هاهنا . 
  و هذا وإن كان واقعا ، و لكن لا منافاة ، فإن من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء ، و ما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا ، و الله أعلم .


قال عبد الله بن الإمام أحمد : 
   حدثني محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب ، حدثني أبي محمد بن معاذ ، عن معاذ ، عن محمد ، عن أبي بن كعب : 
  أن أبا هريرة كان جريا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره ، فقال : 
  يا رسول الله ، ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟
   فاستوى رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا و قال : 
  " لقد سألت يا أبا هريرة ، إني لفي الصحراء ابن عشر سنين و أشهر ، و إذا بكلام فوق رأسي ، و إذا رجل يقول لرجل :
  أهو هو ؟
   [ قال : نعم ] 
   فاستقبلاني بوجوه لم أرها [ لخلق ] قط ، و أرواح لم أجدها من خلق قط ، و ثياب لم أرها على أحد قط . فأقبلا إلي يمشيان ، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي ، لا أجد لأحدهما مسا ، فقال أحدهما لصاحبه : 
   أضجعه . فأضجعاني بلا قصر و لا هصر . 
  فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره .
   فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم و لا وجع ، فقال له : 
   أخرج الغل و الحسد ، فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها ، فقال له : 
  أدخل الرأفة و الرحمة ، فإذا مثل الذي أخرج ، شبه الفضة ، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال : 
 اغد و اسلم . 
  فرجعت بها أغدو ، رقة على الصغير ، و رحمة للكبير " .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط السبت يوليو 24, 2021 2:32 am

تفسير ابن كثير 
   ـــــــــــــــــــــــ 
( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ) [الشرح : 2]
   و قوله : 
   ( ووضعنا عنك وزرك ) بمعنى : 
    ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) [ الفتح : 2 ]  


  ( الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ) [الشرح : 3]


   ( الذي أنقض ظهرك ) الإنقاض : الصوت . 
   وقال غير واحد من السلف في قوله : ( الذي أنقض ظهرك ) أي : أثقلك حمله .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط السبت يوليو 24, 2021 2:33 am

تفسير ابن كثير 
    ــــــــــــــــــــــــــ 
( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) [الشرح : 4] 


  و قوله : ( ورفعنا لك ذكرك ) قال مجاهد : 
   لا أذكر إلا ذكرت معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا رسول الله .


  و قال قتادة : 
  رفع الله ذكره في الدنيا و الآخرة ، فليس خطيب و لا متشهد و لا صاحب صلاة إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله .


قال ابن جرير : 
   حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : 
  " أتاني جبريل فقال : إن ربي و ربك يقول : كيف رفعت ذكرك ؟ 
  قال : الله أعلم . 
  قال : إذا ذكرت ذكرت معي ". 
   و كذا رواه ابن أبي حاتم ، عن يونس بن عبد الأعلى به ، و رواه أبو يعلى من طريق ابن لهيعة ، عن دراج .


و قال ابن أبي حاتم : 
   حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو عمر الحوضي ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : 
  " سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته ، قلت : قد كانت قبلي أنبياء ، منهم من سخرت له الريح و منهم من يحيي الموتى . 
  قال : يا محمد ألم أجدك يتيما فآويتك ؟ 
  قلت : بلى يا رب . 
  قال : ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ 
  قلت : بلى يا رب . 
   قال : ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟
    قلت : بلى يا رب . 
  قال : ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أرفع لك ذكرك ؟ 
  قلت : بلى يا رب " .


  و قال أبو نعيم في " دلائل النبوة " : 
  حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، حدثنا موسى بن سهل الجوني ، حدثنا أحمد بن القاسم بن بهرام الهيتي ، حدثنا نصر بن حماد ، عن عثمان بن عطاء ، عن الزهري ، عن أنس قال : 
   قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : 
  " لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السموات و الأرض قلت :
   يا رب ، إنه لم يكن نبي قبلي إلا و قد كرمته ، جعلت إبراهيم خليلا و موسى كليما ، و سخرت لداود الجبال و لسليمان الريح و الشياطين ، و أحييت لعيسى الموتى ، فما جعلت لي ؟ 
  قال : أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله ، أني لا أذكر إلا ذكرت معي ، و جعلت صدور أمتك أناجيل يقرءون القرآن ظاهرا ، و لم أعطها أمة ، و أعطيتك كنزا من كنوز عرشي :
   لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم " .


  و حكى البغوي ، عن ابن عباس و مجاهد : 
   أن المراد بذلك : الأذان . يعني : ذكره فيه ، و أورد من شعر حسان بن ثابت :


أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح و يشهد و ضم الإله اسم النبي إلى اسمه


إذا قال في الخمس المؤذن : أشهد و شق له من اسمه ليجله


فذو العرش محمود و هذا محمد


  و قال آخرون : 
  رفع الله ذكره في الأولين و الآخرين ، و نوه به ، حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به ، و أن يأمروا أممهم بالإيمان به ، ثم شهر ذكره في أمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه .


وما أحسن ما قال الصرصري رحمه الله :


لا يصح الأذان في الفرض إلا باسمه العذب في الفم المرضي


و قال أيضا :


[ ألم تر أنا لا يصح أذاننا و لا فرضنا إن لم نكرره فيهما ]
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط السبت يوليو 24, 2021 10:21 am

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــــ 


( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح : 5] 
 و قوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ، ثم أكد هذا الخبر .


قال ابن أبي حاتم : 
 حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا حميد بن حماد بن خوار أبو الجهم ، حدثنا عائذ بن شريح قال : 
 سمعت أنس بن مالك يقول : كان النبي صلى الله عليه و سلم جالسا و حياله جحر ، فقال : 
  " لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه " ، فأنزل الله عز و جل : 
  ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) .


و رواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن معمر ، عن حميد بن حماد به ، ولفظه : 
  " لو جاء العسر حتى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يخرجه " ثم قال : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ثم قال البزار : لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح .


قلت : و قد قال فيه أبو حاتم الرازي : في حديثه ضعف ، و لكن رواه شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن رجل ، عن عبد الله بن مسعود موقوفا .


وقال ابن أبي حاتم : 
  حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا أبو قطن ، حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال : كانوا يقولون : لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين .


وقال ابن جرير : 
  حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما مسرورا فرحا و هو يضحك ، و هو يقول : 
 " لن يغلب عسر يسرين ، لن يغلب عسر يسرين ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا " .


و كذا رواه من حديث عوف الأعرابي و يونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلا .


و قال سعيد ، عن قتادة : 
   ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بشر أصحابه بهذه الآية فقال : " لن يغلب عسر يسرين " .


و معنى هذا : أن العسر معرف في الحالين ، فهو مفرد ، و اليسر منكر فتعدد ; و لهذا قال : " لن يغلب عسر يسرين " ، يعني قوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) فالعسر الأول عين الثاني و اليسر تعدد .


و قال الحسن بن سفيان : 
  حدثنا يزيد بن صالح ، حدثنا خارجة ، عن عباد بن كثير ، عن أبي الزناد ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : 
   أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : 
  " نزل المعونة من السماء على قدر المؤونة ، و نزل الصبر على قدر المصيبة " .


و مما يروى عن الشافعي رضي الله عنه ، أنه قال :


صبرا جميلا ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا


من صدق الله لم ينله أذى و من رجاه يكون حيث رجا


و قال ابن دريد : أنشدني أبو حاتم السجستاني :


إذا اشتملت على اليأس القلوب و ضاق لما به الصدر الرحيب


و أوطأت المكاره و اطمأنت و أرست في أماكنها الخطوب


و لم تر لانكشاف الضر وجها و لا أغنى بحيلته الأريب


أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب


و كل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب


و قال آخر :


و لرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا و عند الله منها المخرج


كملت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كان يظنها لا تفرج
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الأحد يوليو 25, 2021 12:07 pm

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــــ 


( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) [الشرح : 7]


  و قوله : ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) 
  أي : إذا فرغت من أمور الدنيا و أشغالها و قطعت علائقها ، فانصب في العبادة ، و قم إليها نشيطا فارغ البال ، و أخلص لربك النية و الرغبة . و من هذا القبيل قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث المتفق على صحته : 
  " لا صلاة بحضرة طعام ، و لا و هو يدافعه الأخبثان " 
  و قوله صلى الله عليه و سلم : 
  " إذا أقيمت الصلاة و حضر العشاء ، فابدءوا بالعشاء " .


  قال مجاهد في هذه الآية : 
   إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصلاة ، فانصب لربك . 
   و في رواية عنه : 
  إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك ، و عن ابن مسعود : 
   إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل . 
  و عن ابن عياض نحوه . 
  و في رواية عن ابن مسعود : 
  ( فانصب وإلى ربك فارغب ) بعد فراغك من الصلاة و أنت جالس .


  و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :
   ( فإذا فرغت فانصب ) 
    يعني : في الدعاء .


  و قال زيد بن أسلم و الضحاك : 
   ( فإذا فرغت ) 
  أي : من الجهاد ( فانصب ) أي : في العبادة . 


( وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب) [الشرح : 8]


( وإلى ربك فارغب ) 
   قال الثوري :
 اجعل نيتك و رغبتك إلى الله عز و جل .


آخر تفسير سورة " ألم نشرح " و لله الحمد .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين يوليو 26, 2021 10:51 am

       تفسير ابن كثير.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 




  ( وَالضُّحَىٰ) [الضحى : 1]


  تفسير سورة الضحى و هي مكية .


روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال : 
  قرأت على عكرمة بن سليمان ، و أخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين و شبل بن عباد ، فلما بلغت " والضحى " قالا : لي : 
  كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة ، فإنا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك .
    و أخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، و أخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك ، و أخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك ، و أخبره أبي أنه قرأ على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فأمره بذلك .


فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد القاسم بن أبي بزة ، و كان إماما في القراءات ، فأما في الحديث فقد ضعفه أبو حاتم الرازي و قال : 
   لا أحدث عنه ، و كذلك أبو جعفر العقيلي قال : هو منكر الحديث .   
  لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة ، فقال له : أحسنت و أصبت السنة . 
  و هذا يقتضي صحة هذا الحديث .


ثم اختلف القراء في موضع هذا التكبير و كيفيته ، فقال بعضهم : 
   يكبر من آخر " والليل إذا يغشى " 
  و قال آخرون : من آخر " والضحى "
   و كيفية التكبير عند بعضهم أن يقول : الله أكبر و يقتصر ، و منهم من يقول الله أكبر ، لا إله إلا الله و الله أكبر .


  و ذكر الفراء في مناسبة التكبير من أول سورة " الضحى " : أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - و فتر تلك المدة [ ثم ] جاءه الملك فأوحى إليه : " والضحى والليل إذا سجى " السورة بتمامها ، كبر فرحا و سرورا . و لم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة و لا ضعف ، فالله أعلم .


  قال الإمام أحمد : 
  حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن الأسود بن قيس قال : سمعت جندبا يقول :
   اشتكى النبي - صلى الله عليه و سلم - فلم يقم ليلة أو ليلتين ، فأتت امرأة فقالت : 
  يا محمد ، ما أرى شيطانك إلا قد تركك . 
  فأنزل الله - عز و جل - : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .


رواه البخاري ، و مسلم ، و الترمذي ، و النسائي ، و ابن أبي حاتم ، و ابن جرير من طرق ، عن الأسود بن قيس ، عن جندب - هو ابن عبد الله البجلي ثم العلقي به .
   و في رواية سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس : سمع جندبا قال :
   أبطأ جبريل على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال المشركون : ودع محمد ، فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .


  و قال ابن أبي حاتم : 
  حدثنا أبو سعيد الأشج و عمرو بن عبد الله الأودي قالا : حدثنا أبو أسامة ، حدثني سفيان ، حدثني الأسود بن قيس ، أنه سمع جندبا يقول : رمي رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بحجر في أصبعه فقال :


هل أنت إلا أصبع دميت و في سبيل الله ما لقيت ؟


قال : فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم ، فقالت له امرأة : 
  ما أرى شيطانك إلا قد تركتك فنزلت : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) و السياق لأبي سعيد .


  قيل : إن هذه المرأة هي : أم جميل امرأة أبي لهب ، و ذكر أن أصبعه ، عليه السلام ، دميت . و قوله - هذا الكلام الذي اتفق أنه موزون - ثابت في الصحيحين و لكن الغريب هاهنا جعله سببا لتركه القيام ، و نزول هذه السورة .
   فأما ما رواه ابن جرير :
 حدثنا ابن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا سليمان الشيباني ، عن عبد الله بن شداد : أن خديجة قالت للنبي - صلى الله عليه و سلم - : ما أرى ربك إلا قد قلاك . فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى )


  و قال أيضا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أبطأ جبريل على النبي - صلى الله عليه و سلم - فجزع جزعا شديدا ، فقالت خديجة : إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك .
   قال : فنزلت : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) إلى آخرها .


فإنه حديث مرسل من [ هذين الوجهين ] و لعل ذكر خديجة ليس محفوظا ، أو قالته على وجه التأسف و التحزن ، والله أعلم .


و قد ذكر بعض السلف - منهم ابن إسحاق - أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - حين تبدى له في صورته التي خلقه الله عليها ، ودنا إليه و تدلى منهبطا عليه و هو بالأبطح ، ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) [ النجم : 10 ] . قال : قال له هذه السورة : ( والضحى والليل إذا سجى )


  قال العوفي ، عن ابن عباس :
   لما نزل على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - القرآن ، أبطأ عنه جبريل أياما ، فتغير بذلك ، فقال المشركون : ودعه ربه و قلاه . فأنزل الله : ( ما ودعك ربك وما قلى )


و هذا قسم منه تعالى بالضحى و ما جعل فيه من الضياء ،
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الثلاثاء يوليو 27, 2021 11:11 am

     تفسير ابن كثير 
        ـــــــــــــــــــــــــ 


( وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ) [الضحى : 2]


    ( والليل إذا سجى ) أي : سكن فأظلم وادلهم .
   قاله مجاهد ، و قتادة ، و الضحاك ، و ابن زيد ، و غيرهم . 
     و ذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا و هذا . 
  كما قال : ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) [ الليل : 1 ، 2 ] ، وقال : ( فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ الأنعام : 96 ] .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أغسطس 23, 2021 1:14 am

تفسير ابن كثير 
  ــــــــــــــــــــــــــ 
 
  ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ) [الضحى : 3]


  وقد ذكر بعض السلف منهم ابن إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبدى له في صورته التى خلقه الله عليها ودنا إليه وتدلى منهبطا عليه وهو بالأبطح "فأوحى إلى عبده ما أوحى" 
  قال: قال له هذه السورة "والضحى والليل إذا سجى" قال العوفي عن ابن عباس:
   لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقال المشركون ودعه ربه وقلاه فأنزل الله 
  "ما ودعك ربك وما قلى" 
   وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء. 
   "والليل إذا سجى" 
   أي سكن فأظلم وأدلهم.
   قاله: 
  مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد وغيرهم . 
  وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كما قال تعالى: 
   "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " 
  وقال تعالى: 
   "فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم".


  وقوله تعالى:
   "ما ودعك ربك" أي ما تركك.
   "وما قلى" أي وما أبغضك.
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أغسطس 23, 2021 1:18 am

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــ 


  ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ) [الضحى : 4]


( وللآخرة خير لك من الأولى ) أي :
  والدار الآخرة خير لك من هذه الدار . 
  ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزهد الناس في الدنيا ، وأعظمهم لها إطراحا ، كما هو معلوم [ بالضرورة ] من سيرته . 
  ولما خير ، عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة ، وبين الصيرورة إلى الله - عز وجل - اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية .


قال الإمام أحمد :
   حدثنا يزيد ، حدثنا المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : 
  اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حصير ، فأثر في جنبه ، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت :
   يا رسول الله ، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا ؟
   فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
   " ما لي وللدنيا ؟! ما أنا والدنيا ؟! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها .


ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث المسعودي به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير ابن كثير ( متجدد )  - صفحة 3 Empty رد: تفسير ابن كثير ( متجدد )

مُساهمة من طرف جاروط الإثنين أغسطس 23, 2021 1:19 am

تفسير ابن كثير 
  ـــــــــــــــــــــــــ 


  ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ) [الضحى : 5]


  وقوله : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) أي :
  في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته ، وفيما أعده له من الكرامة ، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، وطينه [ من ] مسك أذفر كما سيأتي .


وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال :
   عرض على رسول الله ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا ، فسر بذلك ، فأنزل الله : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر ، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم .
    رواه ابن جرير من طريقه ، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس : ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف .


وقال السدي ، عن ابن عباس : 
  من رضاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ألا يدخل أحد من أهل بيته النار .
    رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .


وقال الحسن :
   يعني بذلك الشفاعة . وهكذا قال أبو جعفر الباقر .


وقال أبو بكر بن أبي شيبة : 
  حدثنا معاوية بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : 
  قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
   " إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .
جاروط
جاروط
مشرف عام
مشرف عام

ذكر 3434
تاريخ الميلاد : 10/02/1962
تاريخ التسجيل : 05/11/2014
العمر : 62

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 3 من اصل 26 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 14 ... 26  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى